الاثنين، 9 يناير 2017

الظل يدلنا على شكل الأرض

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى أله وصحبه ومن والاه وبعد:
في الآونة الأخيرة، كثر الجدال حول شكل الأرض، هل هي فعلا كروية أم هي في الحقيقة مسطحة؟ حتى أن القائلين بسطحيتها عموما يدافعون عن رأيهم بثقة، ويعتمدون على كثير من الأدلة في إثبات أنها مسطحة.
وفي الحقيقة، أعجبتني هذه الأدلة لدرجة اقتناعي بنسبة كبيرة بسطحية الأرض، لكن أحببت أن أصل إلى الحقيقة بطريقتي الخاصة، دون الاعتماد على دلائل مستورة.
وهذه تجربة وفقني الله إليها، هدفي من خلالها معرفة إن كانت الأرض كروية أم مسطحة، التجربة لا تحتاج إلى إمكانيات هائلة، ولا إلى معرفة عميقة بالفيزياء والرياضيات، فقط تحتاج إلى:
برنامج غوغل إيرث، برنامج أرشيكاد، عمود ذي طول معلوم، وأداة لقياس الأطوال.
أبدأ بالتفصيل لكل أداء وتعريف دورها، أو بتعريف موجز للتجربة؟
أعرّف التجربة أولا حتى يتضح دور كل وسيلة تلقائيا إن شاء الله:
من المعروف أن هناك أماكن على الأرض تتعامد عليها الشمس في أوقات معينة من السنة؛


مثلا: في يوم 28 من شهر ماي على الساعة 9:18 بتوقيت غرينيتش من كل عام، تتعامد الشمس على الكعبة المشرفة، فيختفي الظل في ذلك المكان في تلك اللحظة، وهناك أماكن أخرى من الأرض تحدث لها نفس الظاهرة التي سنستعملها بشكل أساسي لمعرفة شكل الأرض،

كيف ذلك؟

- ننتظر إلى أن تحين لحظة التعامد، ونحضّر عمودا معلوم الطول لوضعه بشكل عمودي على أرض مستوية، ولنرمز إليه بـ (ع)
- حان الموعد، وصل يوم 28 من شهر ماي، الساعة 9:18 صباحا بتوقيت غرنتش، الأن نقوم بقياس طول ظل العمود وتسجيله،
- نقيس المسافة بين نقطة تعامد الشمس (ش) ونقطة التجربة (ج) نرمز لهذه المسافة بحرف (ب) (الوحدة هي المتر دائما)،
- ثم نفتح برنامج أرشيكاد أو أي برنامج مناسب نحدد المقياس الأصغر بسبب كبر حجم الأرض (في حالة الأرشيكاد، أصغر مقياس هو 30000)،
نقوم برسم نموذجين، واحد للأرض الكروية مع أشعة متوازية للشمس، والأخر للأرض المسطحة مع ارتفاع الشمس بمقدار 5000 كلم (5000000 م)

نموذج الأرض الكروية مع أشعة متوازية للشمس: 

نرسم دائرة قطرها يساوي قطر الكرة الأرضية (12742000 مترا) ونؤكد على أن المتر هو وحدة القياس وليس الكيلومتر،
- نعيّن النقطة الأعلى من الدائرة؛ حيث تمثل نقطة تقاطع المكان الذي تتعامد عليه الشمس (ش)،
- ثم نبدأ بعمل قوس يبدأ من النقطة (ش)، ويمتد بنفس طول المسافة (ب) ونهايته هي النقطة (ج)،
- نرسم خطا يبدأ من مركز الدائرة ويمر بالنقطة (ج)، وبعدها يمتد بطول العمود (ع)،
- نرسم خطا أخر يبدأ من رأس عمود القياس (ع)، وينزل بشكل عمودي إلى أن يسقط على سطح الدائرة (الأرض) وهذا الخط يمثل أشعة الشمس،
- بعد ذلك، نقوم بقياس المسافة بين نقطتي التقاء الخطين مع الدائرة، وهذه المسافة هي طول الظل حسب نموذج الأرض الكروية.












المخطط حسب نموذج الأرض الكروية


نموذج الأرض المسطحة مع ارتفاع الشمس بمقدار 5000 كلم (5000000 متر): 

 نرسم خطا أفقيا بطول (ب)، من إحدى طرفي الخط الأفقي، نصعد بخط مستقيم إلى الأعلى بنفس ارتفاع الشمس، في الطرف الأخر، نرسم خطا صغيرا يمثل (ع)، ويكون عموديا على الخط الأفقي الكبير، من النقطة التي تمثل الشمس، نرسم شعاعا يمر على رأس العمود (ع) ويزيد إلى أن ينزل أسفل مستوى الخط الأفقي الكبير (ب). خط أخر يبدأ من أسفل العمود الصغير موازيا للخط الأفقي الكبير إلى أن يلتقي بخط الشعاع، نقيس طول الخط الأفقي الأخير، النتيجة هي طول الظل في نموذج الأرض المسطحة.












المخطط حسب نموذج الأرض المسطحة


نقارن بين طولي الظل في الموذجين، والأكثر توافقا مع طول الظل الواقعي، هو الذي يحدد شكل الأرض

وبهذه المناسبة، أدعو كل من يبحث عن حقيقة شكل الأرض، أن يترقب هذا التاريخ (28 ماي الساعة 12:18 بتوقيت مكة المكرمة، 09:18 بتوقيت غرنتش)، للقيام بهذه التجربة، ومشاركتنا بالنتيجة أو يرسل فقط طول العمول وطول ظله ومكان التجربة في التعليق، ونحن نقوم بالباقي.

ملاحظة 1: يمكن القيام بهذه التجربة بالاعتماد على تعامد الشمس على مكان أخر غير مكة المكرمة، وهناك موقع يساعدك في معرفة تواريخ ومواقيت التعامد على خريطة العالم، تجده هناأو بتنزيل برنامج محاكاة حركة الشمس والقمر على خريطة العالم من هنا
ملاحظة 2: هذه العملية تشبه تجربة "إيراتوستينس" المتوفي سنة ( 194 ق م)، وهذه قصتها منقولة من موقع ويكيبيديا:"قام إراتوستينس بدحض نظرية الأرض المسطحة، وقد دفعه إلى ذلك قراءته في كتاب عن أن القضبان العمودية لمعبد في جنوب أسوان لا تلقي ظلالاً وذلك في ظهيرة يوم 21 يونيو ذلك أن ظلال المعبد تقصر شيئاً فشيئاً كلما اقترب الوقت من منتصف النهار إلى أن تختفي نهائياً عند منتصف النهار. ولكنه دفعه ذلك إلى القيام بتجربة لمعرفة فيما إذا كانت القضبان العمودية في الإسكندرية تلقي ظلالاً في الوقت والتاريخ ذاته (21 يونيو) واكتشف أنها تلقي ظلالاً خلافاً لما هو عليه الأمر في أسوان.
وقد قادته هذه التجربة إلى استنتاج كروية الأرض، فلو كانت الأرض مسطحة فإن أشعة الشمس سوف تجعل الأعمدة في أسوان والإسكندرية تلقي الظلال ذاتها وإن اختلاف الظلال لا يمكن تفسيره إلا بكون الأرض محدبة بحيث تصنع أشعة الشمس زاوية مختلفة مع الأعمدة الموجودة في أسوان عن تلك الموجودة في الإسكندرية. واستنتج إراتوستينس أن الزاوية بين أسوان والإسكندرية مقدارها 7 درجات على امتداد سطح الأرض (أي إذا رسمنا خطاً مستقيماً من الإسكندرية إلى مركز الأرض وآخر من أسوان إلى مركز الأرض فإن الزاوية بين الخطين مقدارها 7 درجات) وهي تشكل نحو جزء من خمسين من محيط الأرض المساوي 360 درجة. وقد عرف إيراتوستينس أن المسافة بين أسوان والإسكندرية مقدارها 800 كيلومتر لأنه وظف رجلاً كي يقيس هذه المسافة بالخطوات، وإذا ضربنا الرقم 800 بالرقم 50 نحصل على 40 ألف كيلومتر وهو محيط الكرة الأرضية، وعلى الرغم من أن إراتوستينس لم يمتلك سوى أدوات بسيطة فقد تمكن من خلال الملاحظة والتجربة من التوصل إلى قياس دقيق لمحيط الكرة الأرضية بخطأ لا يزيد إلا أجزاء قليلة بالمئة، حيث استطاع قياس هذا المحيط "بمقدار 252 استاديا، أي بقطر 7850 ميلاً، وهو ما لا يختلف عن قطرها الصحيح إلا بمقدار 50 ميلاً". مما يجعله إنجازاً ملحوظاً قبل ألفين ومئتي سنة."

ملاحظة 3: ربما يعارض القائلون بسطحية الأرض تجربة إيراتوستينس قائلين:
- "هذه التجربة نفسها يمكن عن طريقها إثبات أن الأرض مسطحة؛ حيث أن إيراتوستينس أجراها على أساس أن أشعة الشمس متوازية، لكنها في الحقيقة ليست كذلك، بل هي تنتشر من نقطة واحدة وهي مكان الشمس".
- طيب، قوموا أنتم بنفس التجربة في أماكن مختلفة من الأرض، فإن توافقت كل النتائج على ارتفاع واحد للشمس باعتبار سطحية الأرض، فحينها تكونوا قد أصبتم، وللعلم؛ لا يمكن أن تتساوي النتائج في حالتي الأرض المسطحة والأرض الكروية، ويؤكد ذلك برنامج الأرشيكاد،
- "أو بقولهم: "الغلاف الجوي يكسر أشعة الشمس فتنحرف عن مسارها المستقيم، فلا يمكن معرفة شكل الأرض من خلالها
- لو كانت الأشعة تنكسر لهذه الدرجة، فكيف توافقت نتيجة تجربة إيراتوستينس وتجربة البيروني لقياس نصف قطر الأرض مع أن تجربة البيروني لا تعتمد على الظل؟

لقد قمت بإجراء تجربي بالاعتماد على تعامد الشمس على مناطق من إفريقيا الجنوبية، ووضعت النتائج في الجدول التالي:







(وحدة القياس هي المتر).

لاحظو التقارب العجيب بين أطوال الظل في الواقع وبين أطوال الظل في نموذج الأرض الكروية!
هل يمكن لانكسار أشعة الشمس أن يحدث مثل هذه النتائج؟


لمن يريد الشرح المصور للتجربة، يتفضل بمشاهدة المقطع المرئي:  

وهذا مقطع مرئي حول تطبيق تجربة إيراتوستينس بمعطيات أخرى؛ حيث المسافة ليست بين أسوان والإسكندرية، إنما بين ناميبيا في جنوب إفريقيا، ومدينة باتنة - الجزائر- في شمال إفريقيا:





أنتظر أراءكم وانتقاداتكم واقتراحاتكم حول الموضوع، وتفاعلكم معه بالمشاركة في هذه التجربة المهمة، والتي ربما تحسم القضية.

والله الموفق

صفحة "هل الأرض مسطحة كلّيّا؟" على الفيسبوك 
نتيجة تجربة قياس الظل في مدينتي
في يوم الأحد، الثاني من شهر رمضان المبارك، الموافق لـ 28 من شهر ماي 2017، على الساعة 12:18 زوالا بتوقيت مكة المكرمة، قمنا برصد لحظة تعامد أشعة الشمس على الكعبة المشرفة، للقيام بتجربة مقارنة طول الظل في الواقع بطوله حسب نموذج الأرض الكروية ذات محيط 40000 كلم، فكانت النتيجة كالتالي:
المسافة بين مدينة باتنة -الجزائر- والكعبة المشرفة: 3624326.22 مترا
طول العمود: 120.5 سم
طول الظل في الواقع: 76.5 سم
طول الظل بالحساب: 77 سم.
وهذه النتيجة تدل على التوافق بين الأرض وبين كروية الأرض المعروف.
والحمد لله رب العالمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق